اخبار لم تسمع عنها وفيديوهات لم تشاهدها واصدقاء بانتضارك على الشات

شاهد بيتك او مدينتك عبر القمر الصناعي

أسئلة خطيرة فى العلاقة بين المسلمين و الأقباط



أهم ما يميز فيلم حسن ومرقص أنه فتح الباب أمام تساؤلات خطيرة كان المجتمع المصرى يتحاشى طرحها أو مناقشتها، وبغض النظر عن المستوى الفنى للفيلم واختلاف وجهات النظر حوله، فإنه تحسب له شجاعته فى تناول قضايا حساسة كان يخشى معظم الفنانين والمفكرين والأدباء التعرض لها، وهو أيضا موقف يحسب للمسئولين عن الرقابة الفنية الذين سمحوا بعرضه.

لقد طرح الفيلم العديد من الأسئلة المسكوت عنها مثل: هل رجال الدين السبب فى زيادة الاحتقان الطائفى؟ وهل لهم دور فى التحريض ضد الآخر؟ من الأقلية فى مصر.. هل هم المسيحيون الذين يردد البعض منهم أنهم لا يحصلون على حقوقهم ولا يصلون إلى وظائف عليا ولا ينجحون فى انتخابات نيابية بسبب تعنت الأغلبية المسلمة؟ أم أن الأقلية هم المسلمون الذين يرى بعضهم أن الأقباط يسيطرون على الحياة الاقتصادية ويستحوذون على نصيب أكبر من نسبتهم فى المجتمع؟! أم أن هناك فئة أخرى هى الأقلية فعلا وليس المسلمين أو المسيحيين؟! هل أصبح المجتمع يتكون من أغلبية متعصبة ومتشددة مقابل أقلية معتدلة كانت هى الأغلبية فى مصر حتى وقت قريب؟!

لقد طرح الفيلم سؤالا ثالثا ربما يراه البعض ساذجا ولكنه يتردد فى الشارع وبين البسطاء: لماذا لا يوجد متسول مسيحى؟! ولعل أخطر الأسئلة التى طرحها الفيلم: هل يمكن أن يكون هناك عنف مسيحى يصل إلى حد تفجير السيارات واغتيال المواطنين المسالمين؟ أم أنها مبالغة من صناع الفيلم لكى يحدثوا توازنا مع العنف المتأسلم؟! لقد مس الفيلم جوانب عديدة أخرى مثل العلاقات العاطفية التى تجمع بين فتاة من دين وشاب من دين آخر، وأيضا انسحاب المسيحيين وعزلتهم بعيدا عن المجتمع وهل كان بيدهم واختيارهم أم أنهم أجبروا عليه؟!
كل هذه الأسئلة الخطيرة حاولنا الإجابة عنها فى هذا الملف.

«روزاليوسف»

************************************************

من هم الأقلية فى مصر
أسامة سلامة

«حسن أو مرقص» ليست العبارة السابقة خطأ فى اسم الفيلم المعروض حاليًا «حسن ومرقص» ولكنها النتيجة التى يحذر منها، فحينما يختفى حرف «الواو» من حياتنا يظهر ويطفو حرف «أو» والفارق كبير بين الاثنين.. الأول يعنى التواصل والتكامل والالتصاق والثانى يؤكد معنى الفرقة والتشدد وعدم قبول الآخر.. ويكرس فكرة إما أنا وإما أنت، حرف لا يمكن فى صحبته اجتماع فريقين أو مجموعتين أو طائفتين.

ولكن هل وصلنا فعلاً فى مصر إلى هذه المرحلة الخطيرة؟
فى بداية فيلم حسن ومرقص مشهد لأجواء مؤتمر عن الوحدة الوطنية يتهامس خلاله قسيسان «نحن أقلية؛ لا يوجد قبطى رئيس جامعة ولا فى منصب وزارى مهم ولا ينجح أحد فى مجلس الشعب». ثم تنتقل الكاميرا إلى شيخين يقول أحدهما للآخر «نحن الأقلية وليسوا هم.. يسيطرون على الاقتصاد.. يتحكمون فى بعض المجالات التجارية بما لا يتوازى مع نسبتهم وعددهم.. عمرك شفت شحات مسيحى»؟!. إذن كل فريق يرى أنه أقلية بشكل ما وأن الآخر يحصل على حقوق لا يستحقها ويمنع عنه حقوقًا كان جديرا بها. من الأقلية فى مصر؟ سؤال لم يطرحه الفيلم بشكل مباشر ولكن من يشاهده يدرك أنه يجول بخاطر الكثيرين، والإجابة جاهزة لدى الطرفين المتشددين.. المسيحيون سيقولون نحن الأقلية و هى إجابة صحيحة إذاً أخذنا بها من ناحية العدد فهناك من يتشدد ويصل بالأقباط إلى 20 مليونا أى أكثر من ربع عدد المصريين، كما يوجد على الطرف الآخر من يهبط بها إلى 5 ملايين، أى أقل من سدس المواطنين، وبين العددين توجد أرقام أخرى.. ولكن أيا ما كانت فهى تشكل بالفعل أقلية عددية، بعض المسلمين لهم رأى آخر أن الأغلبية والأقلية تحسب بالقدرة على السيطرة والتحكم فى مناحى الحياة، وفى هذا السياق فإن المسيحيين يشكلون أغلبية فى بعض الجوانب الاقتصادية والتى يرى بعض المتشددين المسلمين أنهم أصبحوا أقلية فيها.. كلتا الإجابتين مخيفة وتعكس روح التربص التى تتنامى الآن فى المجتمع، فمن الطبيعى فى أى دولة أن تكون هناك أغلبية وأقلية عددية، ومن المنطقى أن أى مواطن له حق اختيار عقيدته دون أن يؤثر ذلك على حقوقه وواجباته، ودون أن تكون هناك أى دلالة لهذه الأعداد، ومن الطبيعى أيضًا أن يتميز مواطنون فى بعض مجالات الحياة ومنها الاقتصاد دون أن تلفت عقيدتهم النظر، أو أن تلعب دوراً فى هذا التميز.. ودون أن يؤدى ذلك إلى مشاعر الشك والريبة والتوجس.. وفى مصر كان المسيحيون لفترات طويلة يمثلون معظم الأطباء والصيادلة، يستحوذون على بعض الحرف والمهن الأخرى مثل الترزية وأعمال الكهرباء والبناء والبقالة، ولم يكن ذلك محل تساؤل واستنكار طوال عقود طويلة وقرون عديدة، عندما لم يكن مثل هذا السؤال مطروحًا فى مصر، الحقيقة المفجعة أيضًا أن الإجابتين خاطئتان.. فلا الأقباط أقلية ولا المسلمون أيضًا أقلية..

والواقع يكشف أن المعتدلين هم الأقلية الآن فى مصر.. فالتطرف والتعصب والتشدد أصبح سمة غالبة على المجتمع ليست فى الدين فقط وإنما فى مجالات عديدة من الرياضة إلى السياسة مرورًا بالاقتصاد والعلاقات الاجتماعية؛ على سبيل المثال فى كرة القدم يرفض جمهور نادى الإسماعيلى انتقال أى لاعب من فريقهم إلى النادى الأهلى بينما يمكن بيعه لأى ناد آخر دون مشاكل - لاحظ هنا أنه من الممكن لعدد غير قليل من المسلمين والأقباط قبول أن يلحد أحد أتباع الديانتين عن أن يؤمن بالعقيدة الأخرى -أيضًا جمهور الأهلى يتقبل الهزيمة من أى نادٍ غير مصرى، ولكن يثور ويغضب إذا لقى فريقه الهزيمة من الإسماعيلى أو الزمالك، والأخير لم يفز على الأهلى منذ عدة سنوات فى كرة القدم ولكنه انتصر فى بعض اللعبات الأخرى، وفى العام الماضى اعتدى بعض مشجعى الأهلى على مشجع زملكاوى فى إحدى مباريات كرة السلة وقاموا بحرقه فى المدرجات أما جمهور الزمالك فيشجع أى فريق غيرى مصرى يلعب أمام الأهلى، فى السياسة أيضًا إذا دافعت عن الحكومة فإن المعارضة تتهمك بالفساد والتربح على حساب المواطنين، وإذا كنت معارضا فأنت متهم من قبل أصدقاء الحكومة بالخيانة والعمل ضد مصلحة البلد.. فى الاقتصاد لا يسمح الكبار لأحد بالعمل فى نفس مجالهم ولديهم العديد من الألاعيب التى تخرج الصغار من السوق. إن نظرة واحدة إلى صفحة الحوادث تكشف كيف تغير المجتمع المصرى وأصبح أكثر قسوة وعنفا وأقل تسامحًا.. إن كلا منا أصبح يتربص بالآخر، وكثيرا من حوادث وقعت لأسباب تافهة وأصبحت جرائم القتل بين الأسرة الواحدة لا تثير دهشة أحد.

رغم خطورة كل ذلك فإن الأخطر أن يصل التعصب إلى الدين خاصة فى مجتمع متدين بطبيعته، وهو أمر استغله المتطرفون من الجانبين واستطاعوا جذب الكثيرين إلى أفكارهم حتى باتت الأغلبية متشددة تجاه الآخر وأصبحت الأقلية هم المعتدلون وهؤلاء المقصود بهم الذين يتواصلون معًا حقيقة لا شكلاً ودون حظر أو ريبة. منذ السبعينيات ظهرت كلمتا مسلم ومسيحى، ولأن التصدى لهذا الطوفان لم يكن جديا فقد زاد الأمر حتى كادت كلمة مصرى أن تبهت أمامهما، وبدأ المجتمع يأخذ طريقه للانشقاق فى معظم مناحى الحياة حتى أصبح كل مواطن يعرف الشخص الذى أمامه ينتمى إلى أى دين من أول وهلة.. لفترة خلت كان من الصعب أن تعرف الهوية الدينية من خلال الأسماء، كان هناك طارق وأسامة وهانى ونبيل وجمال وشكرى وثروت وداليا ومنى وهناء، وغيرها من الأسماء، ومع مرور الوقت أصبح هناك تمايز دينى بالأسماء جرجس ومتى وبولس وحنا فى مواجهة محمد وأحمد ومصطفى، ومع التطور أكثر أصبحت أسماء الأبناء المسلمين أبو ذر وبجاد والأرقم وجهاد بينما اتجه الأقباط إلى الأسماء الغريبة للقديسين مثل فلوباتير وجون ومنيرفا وماريا، والغريب أن الذين ينادون بدراسة اللغة القبطية وضرورة أن يتحدث الأقباط بها لم يواجهوا هذه الظاهرة ولم يطالبوا الأسر القبطية بالعودة إلى الأسماء القبطية المصرية . ورغم أن الأسماء الإسلامية لصحابة أجلاء والأسماء المسيحية لقديسين مباركين، وأنها كانت موجودة فى المجتمع من قبل، إلا أن خطورتها الآن فى أنها أصبحت علامة تميز صاحبها، ففى الجامعات المختلفة وخاصة فى الكليات التى بها امتحانات شفهية أصبحت الأسماء إما تؤدى إلى درجة مرتفعة أو يحظى صاحبها بدرجة النجاح فقط حسب ديانة الأستاذ الممتحن، كثير من الشركات يرفض أصحابها تعيين من هم على غير دينهم، لقد وصل الانفصال إلى أعمق وأتفه الأشياء، ففى رنات الموبايل أجراس الكنائس، مقابل الأذان، والترانيم تواجه التواشيح، وعلى السيارات رمز السمكة فى المسيحية مقابل الأدعية الإسلامية، بل إنه أصبح ينظر لأية فتاة أو امرأة غير محجبة على أنها مسيحية إلى أن تثبت العكس! إن التعامل مع الأحداث المختلفة يثبت كيف يسير المجتمع نحو الانشقاق، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ فتاة تقع فى هوى شاب على غير دينها وتهرب معه فتقوم الدنيا ولا تقعد، وتخرج المظاهرات مدعية خطف الفتاة، ويرى الثائرون المتجهمون أن ما حدث عار واعتداء على دينهم لا يمحوه سوى عودة الفتاة، ولو على غير إرادتها. شاب ترك دينه إلى الدين الآخر، تنقلب الدنيا وتظهر نظرية المؤامرة الخارجية والتمويل الأجنبى الدولارات، إذا كان الشاب مسلما وتنصر أو الأموال الخليجية والريالات إذا كان مسيحيا وأسلم، والكل ينظر إلى ما حدث على أنه انتصار للدين على الدين الآخر. تلاسن على الفضائيات وازدراء للأديان على ألسنة من يسمون برجال الدين، وحروب دينية على الإنترنت الغرض منها النيل من الدين الآخر،وكتابات تحمل السم بعضها يقول إن الإنجيل محرف وأخرى تتحدث عن المحتل العربى وأنه يجب تحرير مصر منه وعودتها مسيحية مرة أخرى أسوة بما حدث فى الأندلس. المثير أن التعصب والكراهية لم يعودا مقصورين على المتطرفين من المسلمين والأقباط تجاه كل منهما للآخر، بل أصبحا بين أبناء الديانة الواحدة، فالسنة لا يقبلون الشيعة، ويتشدد البعض حتى يروا أنهم ليسوا مسلمين، والمتشددون والمنتمون للمذهب الشيعى يرون فى السنة مخالفين للإسلام، فى المسيحية يرى بعض الأرثوذكس أن الكاثوليك والإنجيليين على خطأ يبعدهم عن المسيحية، وبعض المنتمين للمذهبين الأخيرين يرون فى الأرثوذكسية مسيحية ناقصة وغير سليمة، بل إن قساوسة أرثوذكس يرفضون زواج الفتاة الأرثوذكسية من شاب كاثوليكى أو إنجيلى، إلا إذا تم تعميده مرة أخرى فى الكنيسة الأرثوذكسية وانتمى إليها، ولعلنا ندرك كيف يمكن أن يكون إحساس هؤلاء المتعصبين ضد المنتمين لدين آخر إذا كان هذا هو رأيهم فى المنتمين لدينهم، لكنهم يعتنقون مذهبا مخالفا لهم.

لقد وصلنا فعلا إلى حافة الخطر، ونحن على شفا حفرة من النار، وإذا لم نبدأ من الآن فى مواجهة هذه الظواهر، فإن النار ستحرقنا جميعا، لقد أخفت هذه الأفعال روح التسامح وجعلت من المتطرفين من الجانبين أغلبية فى مواجهة أقلية معتدلة، لكن على الأخيرين أن يعملا على عودة البسطاء إلى الجانب المعتدل مرة أخرى، ومقاومة التطرف والغلو، لقد كان مشهد النهاية فى فيلم «حسن ومرقص» معبرا عن ذلك، عائلتان تتكونان من 6 أشخاص يتسللون بين آلاف المتناحرين والذين يقتلون بعضهم بعضا بالسنج والشوم والأسلحة المختلفة، فى مشهد يذكرنا بما حدث فى أحد شوارع الإسكندرية منذ سنوات. يحتمى الـ6 أشخاص ببعضهم البعض، تصيبهم بعض الضربات، لكنهم يواصلون سيرهم ممسكين بأيدى بعضهم البعض، بحثا عن مكان يحتمون فيه من هذا الجحيم، ومعنى هذا أنه ليس أمامهم سوى الاتحاد وعدم الخوف والالتصاق لمواجهة مجموعة متطرفة ذات صوت عال وأغلبية صامتة


المصدر : روز اليوسف
العاب فلاش رائعة..العبها الأن

0 comments:

Blog Archive