اخبار لم تسمع عنها وفيديوهات لم تشاهدها واصدقاء بانتضارك على الشات

شاهد بيتك او مدينتك عبر القمر الصناعي

قول لمراتك انتي طالق براحتك

أصدر الدكتور أحمد السايح الأستاذ بجامعة الأزهر فتوى في إحدى اللقاءات التليفزيونية مؤداها أن " الطلاق اللفظي لا يقع حتى لو قال الزوج لزوجته " أنت طالق " ألف مرة.. فمادام لم يذهب بزوجته إلى المأذون ومعه اثنان من الشهود ليطلقها أمامهم فالطلاق لم يقع، وللزوجين أن يستمرا فى حياتهما الزوجية وكأن شيئا لم يكن".

هذه الفتوى أثارت العديد من التساؤلات.. خاصة أنها تتعلق بمستقبل الأسرة المسلمة، وما سيترتب على الأخذ بتلك الفتوى من أحكام.. لذلك فقد رفضها بعض العلماء مطلقا واعتبروها اجتهادا مرفوضا، مستندين للثابت عند الجمهور من أن الطلاق اللفظي الصريح يقع لا محالة وتترتب عليه أحكام معروفة، والبعض الآخر اعتبر الفتوى اجتهادا يجب أن يدرس ويقنن خاصة في ظل مقاصد الشريعة..

الشيخ جمال قطب - رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر - يرى بداية أن مثل هذه الأمور التي تتعلق بالطلاق أو الميراث لا يصح أن تصبح مادة للأحاديث التليفزيونية أو الحوارات الصحفية مخافة أن يسيء المتلقون فهمها واستيعاب كافة جوانبها ، أو تناقل الآراء المختلفة بشأنها بدون وعي بخلفية كل رأي.. فمثل هذه الأمور لا يصح البت فيها سوى من خلال لقاء مباشر بين الشيخ أو المفتي وصاحب تلك الحالة فقط ، فحالات الطلاق مختلفة ولا يمكن تعميم الحكم فيها بحال من الأحوال .

تماسك الأسرة


أما صاحب الفتوى الدكتور أحمد السايح فيدافع عن فتواه قائلا : " أنا لم أصدر الفتوى اعتباطا ولكن لدى من الأدلة الشرعية ما يؤيدها، فأنا أستند على أن الإسلام يعمل دوما على حفظ تماسك الأسرة واستمرارها إلى أقصى درجة ممكنة؛ حتى تتحقق الغاية من الزواج الذى جعله الله آية من آياته حيث يقول الله تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "".

ويتابع: " وقد عمل الإسلام على إقامة الزواج على أساس متين من خلال الخطبة وعقد الزواج الذى وصفه الله بما فيه من إشهار وإشهاد وولى بقوله تعالى "وأخذنا منكم ميثاقا غليظا " فهل يعقل أن ينهدم هذا البنيان صاحب القواعد القوية بكلمة فى ساعة غضب أو حتى تهريج "

وأشار السايح إلى أن الأدلة الشرعية على اشتراط الشهود للطلاق وأن يكون موثقا عند المأذون كما فى الزواج.. قوله تعالى فى بداية سورة الطلاق "يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا.".

ويعلق قائلا: هذا يوضح أن الإشهاد على الطلاق ضروري، ولا يتم الطلاق إلا به لحماية الأسرة من الانهيار بفعل بعض الأهواء والنزوات الشخصية التى لا تستند إلى العقل .

ويؤيد الدكتور السايح فى رأيه الدكتورة سعاد صالح العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر قائلة : " يحرص الإسلام على استمرار مؤسسة الزواج والأسرة ما استطاع الى ذلك سبيلا.. ويظل يتلمس الأسباب الشرعية التى تتيح استمرار هذه العلاقة الزوجية"

وتتابع : " ولأننا نعيش فى عصر قل فيه الوازع الديني وخربت فيه الذمم.. فقد وجب الاجتهاد وفق ضوابط النصوص الشرعية لمواجهة هذا الطوفان من عمليات الطلاق الذى يتم لأتفه الأسباب؛ وتدفع ضريبته الأم والأولاد الذين يتعرضون للضياع "

لما سبق تخلص د. سعاد إلى أن هذه الفتوى " اجتهاد يحقق مقاصد الشريعة للحفاظ على الأسرة، وخاصة أن النص القرآنى المذكور من بداية سورة الطلاق يدعم هذا الاتجاه، فضلا عن أن الله أمر بالإشهاد على كتابة الديون.. وبالطبع فإن الإشهاد على الطلاق وضرورة توثيقه عند المأذون لحماية الحقوق أولى".

وتوضح أن " هذا ليس اجتهادا شاذا؛ وإنما هو رأى بعض الفقهاء سواء السنة أو الشيعة على حد السواء؛ لتحقيق الغاية النبيلة فى الحفاظ على الأسرة وعدم هدمها لمجرد النطق بلفظ " أنت طالق".

مردود بأكثر من دليل

الشيخ عصام الشعار _ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين_ يلمح إلى أن " الدليل الوحيد الذي استند إليه صاحب تلك الفتوى هو قول الله تعالى "وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ"، قائلا إن الأمر هنا في الآية يفيد الوجوب، ومن ثم فالإشهاد على الطلاق واجب، ثم أكد على أن هذا القول هو الذي تؤيده مقاصد الشريعة محافظة على كيان الأسر المسلمة من التشتت والضياع"

ويتابع الشعار: " والكلام السابق مردود عليه بأكثر من دليل:

أولا:علماء الأمة سلفا وخلفا قالوا إن الأمر بالإشهاد الذي أشارت إليه الآية السابقة ليس على الطلاق وإنما الأمر بالإشهاد هنا على الرجعة، وسياق الآية يوضح ذلك، بل ووقع الخلاف في حكم الإشهاد على الرجعة هل هو واجب أم مندوب، وجمهور الفقهاء حملوا الأمر على الندب.

ثانياكما يوضح الشعار أن:من القواعد المسلمة عند علماء الأصول أن الإجماع لا يخرق إلا بإجماع مثله، فكيف خرق الدكتور هذا الإجماع الذي نقله لنا عالمان من خيرة علماء الأمة الثقات، فقد نقل كلٌ من شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الشوكاني الإجماع على أن الآية التي سبقت الإشارة إليها محمولة على أن الإشهاد مأمور به عند الرجعة وليس على الطلاق، وأسوق طرفا من نص كلام ابن تيمية في تعليقه على الآية محل الشاهد فقال -رحمه الله-:

(وقد ظن بعض الناس أن الطلاق الذي لا يشهد عليه لا يقع. وهذا خلاف الإجماع وخلاف الكتاب والسنة ولم يقل أحد من العلماء المشهورين به ؛ فإن الطلاق أذن فيه أولاولم يأمر فيه بالإشهاد وإنما أمر بالإشهاد حين قال : {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} . والمراد هنا بالمفارقة تخلية سبيلها إذا قضت العدة وهذا ليس بطلاق ولا برجعة ولا نكاح . والإشهاد في هذا باتفاق المسلمين فعلم أن الإشهاد إنما هو على الرجعة). انتهى..

ثالثا:أما القول بأن الإشهاد على الطلاق واجب لأن هذا يتفق مع مقاصد الشريعة، فيؤكد الشعار أنه يرفض هذه الدعوى جملة وتفصيلا؛ لأن فيها "اتهام صريح لعلماء الأمة سلفا وخلفا أنهم يطلقون الأحكام دون وعي منهم وإدارك بمقاصد الشريعة"!.

اجتهاد مرفوض

ويصف الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر هذه الفتوى بالاجتهاد المرفوض حيث يقول : "هذا اجتهاد مرفوض لأنه يحلل الحرام وهو بقاء الزوجة مع زوجها بعد أن ألقى عليها يمين الطلاق.. وهو اليمين أو اللفظ الذى لا يحتمل لبسا؛ ومن المعلوم أن أحد صيغ الطلاق هو الصريح الذى لا يشترط فيه النية، وبالتالي لا يجب الاستهانة بحدود الله بمثل هذا الاتجاه المرفوض شرعا وعقلا"

وعن آيات سورة الطلاق التي استدل بها السايح على فتواه يؤكد مبروك أن " الاستناد إلى هذه الآيات على أنها أمر بالإشهاد ليست دليلا قاطعا على أن هذا هو السبيل الوحيد.. فمتى تلفظ الزوج بألفاظ صريحة لا تقبل التأويل أو اللبس وقع الطلاق.. وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء منذ القدم حتى الآن.. وطبقه الرسول صلى الله عليه وسلم فى حياته وكذلك الخلفاء الراشدون الذين لم يشترطوا الإشهاد على الطلاق أو توثيقه".
د. منيع عبد الحليم

ومع أن الدكتور منيع عبد الحليم محمود العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر يرى أن "الفتوى بشكل عام تدخل فى باب الاجتهاد الذي جاء نتيجة نوع من التعاطف مع المرأة".. إلا انه يؤكد أنها " جاءت للأسف فى مجال لا ينفع فيه الاجتهاد بهذه الصورة التى تتعارض مع كل ما أكده الفقهاء القدامى والمحدثون على السواء."

ولهذا يعتبرها د. منيع " فتوى مرفوضة جملة وتفصيلا، ولا تحمل أى أساس من أسس الشريعة الإسلامية.. رغم أن الزوج قد يكون ظالما للزوجة عندما ألقى لفظ الطلاق عليها إلا أن الفتاوى عندما تصدر يجب أن تكون تطبيقا للشرع ؛ وما دام الزوج قد نطق بلفظ صريح للطلاق وليس هناك أى موانع شرعية مما نص عليها قانون الأحوال الشخصية تمنع الطلاق، فإن هذا الطلاق يكون واقعا خاصة أنه منطوق بلفظ صريح"

ويضيف: "فى هذه الحالة يمكن القول ماذا سيفعل المأذون إذا كان الزوج نطق باللفظ الصريح للطلاق، هل يجبره على أن يظل متزوجا وهل هناك أى موانع قانونية، وحتى لو وجدت الموانع فإن الطلاق قد وقع، وبالتالي فإن إقامة الزوجين مع بعضهما بعد ذلك حرام والله عز وجل يقول " وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ""

وينتهز د. منيع الفرصة قائلا: "أدعو أرباب الأسر ألا يكون هذا الأمر ديدنهم؛ بحيث يكون الطلاق بينهما نتيجة أسباب تافهة.. ينتج عنه تدمير كامل للأسرة.. فالإسلام عندما وضع هذا الإطار التشريعي فهو يتعامل مع رب الأسرة سوى التفكير الذي لا يهدم بل يبني مستقبلا أفضل لأسرته وأبنائه.. فالطلاق هنا لاستحالة العشرة بين الزوجين وليس ملعبا يتبارى فيه الزوج وزوجته فى إفساد حياة أبنائهم وأسرتهم".. ورغم هذا ينهي د. منيع كلامه قائلا: "الاجتهاد فى فتوى الدكتور السايح مرفوض رفضا تاما وفق كل أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها".


المصدر : اسلام أون لاين

0 comments:

Blog Archive