اخبار لم تسمع عنها وفيديوهات لم تشاهدها واصدقاء بانتضارك على الشات

شاهد بيتك او مدينتك عبر القمر الصناعي

حسن ومرقص..مجرد رأي

تابعت معظم الكتابات التي تناولت فيلم "حسن ومرقص" الذي خرج إلى النور الشهر الماضي. وبعيداً عن النقد الفني الذي وجهه البعض للفيلم فقد أسعدني وجود عدد كبير من المقالات التي امتدحت رسالة التسامح التي تناولها الفيلم، الأمر الذي يعكس تنامي حالة الوعي بأخطار التطرف والإرهاب بين المثقفين والكتاب المنفتحين. وقد أثار الفيلم كثيراً من الأسئلة المهمة بشأن العلاقة المتدهورة بين المسيحيين والمسلمين في مصر المحروسة، ومستقبل التعايش المشترك للطرفين، وقدرتهما المشتركة على تجاوز العقبات التي يفرضها التطرف والإرهاب أمام وحدتهما الوطنية. ورغم أن الفيلم تم استقباله بالترحاب في أوساط الجانبين المسيحي والإسلامي، إلا أن هناك علامات استفهام وضعت أمام ما اعتبره فريق عدم موضوعية الفيلم في التعاطي الطرفين المسيحي والإسلامي، وما اعتبره فريق ثان سذاجة وسطحية في تناول قضية التطرف، وما اعتبره فريق ثالث تناول ضار ومسيء بالأديان والمقدسات.

كانت قد سبقت الفيلم الذي يتناول الفيلم العلاقة المتدهورة بين المسلمين والمسيحيين في مصر المحروسة نقاشات وجدالات كثيرة بدأت حين التقى بطل الفيلم الفنان عادل إمام مع البابا شنوده الثالث بطريرك الإسكندرية لمناقشة بعض القضايا العقائدية التي ناقشها سيناريو الفيلم، وبلغت حدتها درجتها القصوى حين طالب بعض المتشددين الإسلاميين بتكفير عادل إمام لتجسيده دور رجل دين مسيحي. وقد دافع القائمون على الفيلم عنه بتبرير مقابلة عادل إمام للبابا وبالتأكيد على حرية الفنان في القيام بشخصية رجل الدين المسيحي في إطار تمثيلي.

تتعلق أولى ملاحظاتي الشخصية على الفيلم بحجم ونوعية الكوميديا المقدمة في فيلم يتناول قضيتين جادتين وخطيرتين كقضيتي التطرف والإرهاب وتأثيرهما على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. وربما كان من غير المناسب أن يبالغ الفيلم بالاهتمام في كثير من مشاهده بالجانب الترفيهي المضحك على حساب تقديم معالجة جادة لقضيتين مهمتين تهددان سلامة المجتمع المصري. وقد أدهشني أن الرسالة الأساسية الفيلم تاهت في عدد من المواقف عندما تبارى الفنانان عادل إمام وعمر الشريف في محاولة انتزاع الضحكات من المشاهدين. ورغم أن انطباعي عن الفيلم أنه جاء في مجمله مقبولاً كعمل نظيف يحاول إلقاء الضوء على قضيتين جادتين، إلا أنني لاحظت، وربما يساندني الكثيرون في ذلك، أن الفيلم اكتفى برصد الواقع المؤسف بطريقة كوميدية ولم يسع لتقديم معالجة واضحة لمسألتي التطرف والإرهاب. وربما التمس العذر هنا للفنان عادل إمام الذي يعتبر الترفيه مهمته الأولى.



حاول سيناريو الفيلم التعاطي مع قضية التسامح بين المسلمين والمسيحيين من خلال وجهة نظر متوازنة تضع مسئولية إشعال نيران التطرف على عاتق طرفي القضية عندما صور رجلي دين مسلم ومسيحي يهربان من محاولات النيل منهما من قبل متطرفين مسلمين ومسيحيين. وقد بدا الفيلم هنا غير موضعي خاصة في ما يتعلق بـ: أولاً محاولة من أسماهم الفيلم بمتطرفين مسيحيين قتل الواعظ المسيحي المعتدل الذي يسعى للم شمل المسلمين والمسيحيين، وثانياً اتهام الفيلم لرجل دين مسيحي بالتحريض على كراهية المسلمين وعدم التعامل معهم.

ربما أتفق مع الفيلم بشأن حساسية المسيحيين بشأن الزواج المختلط لأسباب عقائدية واجتماعية أو لأسباب تبيح زاوج المسلم من المسيحية ولا تسمح بزواج المسيحي من مسلمة، ولكني لا أتفق أبداً مع ما ذكر الفيلم أنه إرهاب مسيحي مسلح يستهدف المعتدلين المسيحيين. ولست أبالغ إذا قلت بأنه لا يوجد مسيحي واحد يعارض الاعتدال والتعايش المشترك مع الأخرين. وفضلاً عن ذلك فالمسيحيون، برأيي، لم ولن يستخدموا السلاح للدفاع عن قضاياهم لأسباب عديدة في مقدمتها عدم وجود نصوص دينية تشجع على القتال أو الجهاد المسلح. ومن ثم فإن ما تناوله الفيلم في هذا الصدد كان محاولة مجحفة بحق المسيحيين لخلق توزان غير قائم في مسئولية الطرفين المسلم والمسيحي عن التطرف. وربما نلتمس العذر للفيلم هنا أيضاً لأنه ربما لم يكن الفيلم ليرى النور لو لم يكن هناك توازن بين الجانبين المسلم والمسيحي، فلا الجانب المسلم سيرضى بتحمل المسئولية كاملة عن التطرف والإرهاب، ولا الفنان عادل إمام كان سيغامر بشعبيته الجارفة لإنصاف المسيحيين.



بدت الحيلة الأمنية لإخفاء رجلي الدين كالمحاولة العبثية للتعاطي مع ظاهرتي التطرف والإرهاب. فالعجز الأمني عن التعامل مع المطرفين والإرهابيين دفعه لنقل رجلي الدين من محلي إقامتهما ومنحهما إسمين مستعارين يشيران بوضوح إلى ديانة تختلف عن الديانة الأصلية لكلاً منهما. ولست متاكداً إن كان سيناريو الفيلم قد استخدم الحيلة الامنية لإضحاك المشاهدين أم أنه هدف إلى توظيفها للسخرية من قدرات الأمن في مواجهة التطرف والإرهاب. وربما أراد سيناريو الفيلم استخدام الحيلة الأمنية الساذجة للتلميح إلى ضعف حيلة الأمن وللإشارة إلى أن تسليم الدولة ملف الإرهاب الناتج عن التطرف الديني إلى الأمن وحده يعد عملاً مثيراً للسخرية إذا وضعنا في الاعتبار أن الأمن يتعامل دوماً مع الأثار الناتجة عن التطرف والإرهاب ولا يسعى أبداً لمعالجة ظاهرتي التطرف والإرهاب.

كان جميلاً أن يسعى الفيلم لإبراز عمق العلاقة بين المعتدلين المسلمين والمسيحيين في مصر. وقد أوضح الفيلم ذلك عندما أقام رجل الدين المسيحي صاحب الإسم المستعار المسلم رجل الدين المسلم ذو الإسم المستعار المسيحي مشروعاً مشتركاً بينهما بعدما أصبح عليهما البحث عن عمل جديد للارتزاق منه. وقد أبرز الفيلم إطلاق الرجلين صفة "الإخلاص" على مشروعهما المشترك في إشارة واضحة إلى أن القيم والفضائل يجب أن تكون القاسم المشترك بين المسلمين والمسيحيين شركاء الوطن والمصير والمستقبل. ولعل هذا ماجسده المشهد الختامي التفاؤلي للفيلم.

وعلى الرغم من الطابع الكوميدي للفيلم إلا أن المشهد الذي انفصل فيه إبن رجل الدين المسيحي المتنكر في هيئة شاب مسلم عن حبيبته إبنة رجل الدين المسلم المتنكرة في هيئة فتاة مسيحية عن بعضهما البعض كان مثيراً للشجن. وقد أوضح الفيلم كم تتحكم المعتقدات في اتجاهات القلوب، فما أن علم كلاً من الشاب والفتاة بحقيقة الأخر حتى قررا معاً الابتعاد ورفض إكمال قصة الحب الحارة التي اشتعلت بينهما. وللحق فقد كان سيناريو الفيلم موفقاً إلى حد بعيد في التعامل مع القضية الحساسة. ففي ظل تحريم الإسلام زواج المسلمة من مسيحي، وفي ظل غياب حرية العقيدة التي تمنع المسلم من تغيير دينه كان الطرق الاوحد للجمع بين الشاب والفتاة هو أن يتحول الشاب المسيحي عن دينه إلى الإسلام. وهو الأمر الذي كان سيتسبب من دون شك في إغضاب المسيحيين الذين يرون أن حرية العقيدة في البلدان الإسلامية طريقاً ذا اتجاه واحد يقود فقط إلى الإسلام.

لقد جاء فيلم "حسن ومرقص" في مجمله عملاً جيدأ رغم النقاط التي لا نتفق معه فيها. فقد نجح "حسن ومرقص" في توحيد مشاعر المسلمين والمسيحيين سواء في الفيلم أو في قاعات المشاهدة، وهو الأمر الذي يستحق عنه القائمون على الفيلم وبخاصة الفنان عادل إمام كل التقدير. ولقد كان الفيلم جريئاً في مشاهده، إذ أن كثيراً من الفنانين يتجنبون طرح قضية العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وكثيراً من المؤلفين يتجنبون تناول شخصيات مسيحية، وكثيراً من المخرجين يتجنبون إظهار الكنائس والألحان الكنسية في أفلامهم لتفادي إثارة حساسية الطرف المسلم.

إن "حسن ومرقص" عمل يستحق المشاهدة والتصفيق له لدعوته المخلصة للتسامح، وهو أيضاً دعوة للفنانين والمؤلفين والمخرجين لتقديم المزيد من الاعمال التي تتناول قضيتي التطرف والإرهاب وتأثيرهما على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ليس في مصر وحدها بل في كل بلدان العالمين العربي والإسلامي التي يغيب عنها التسامح.



جوزيف بشارة

4 comments:

يوحنا القس said...

مع خالص الشكر للكبير عادل إمام علي مكافحته للتيار الأسلامي المتطرف مع تعرض حياته للخطر، ولكن اتوجه له بالسؤال التالي ( علي طريقة أسئلة ثانوية عامة ): اذكر مع الاستدلال بموقعتين علي الأقل خرج فيها مسيحيون مصر الغلابة بالسيوف والأسلحة الحادة لمواجهة المسلمين?

سمير زين said...

انا بحب وبحترم الفنان الكبير العظيم عادل امام لانه زعيم بجد ومهموم بقضايا وطنه تحية حب واحترام وتقدير لهذا الفنان الاسطورة مع خالص تمنياتى لك بالتوفيق والنجاح والى الامام يا زعيم

مسلم فى حاله said...

والله ياخ جوزيف انا عايز الفت نظرك لموضوع مهم وهو ان تحريم زواج المسلمه من غير المسلم هو امر دينى مثله مثل تحريم اكل الخنزير. فيجب ان نحترمه وليس فيه اى اقلال باللأخرين. يعنى لو اثبت العلم ان اكل الخنزير سيطيل عمر الانسان 300 سنه سوف ارفض اكله واموت وانا قصير العمر واتركك تعيش الى مابعد ال 300 سنه. ولن ازعل ابدا ان الله اعطاك طول العمر. ومن حسن حظ المسيححين انه لاقيود على زواجهم ولذلك نجد ان ابنه كيندى تزوجت يهودى ولم تقم الكنيسه الكاثوليكيه وتقعد وعندما يتزوج رجل مسلم من غير المسلمه تكون اسرته مكدره ولا تكون بأى حال مسروره لذلك. ارجوا ان تحترم الاديان ونحترم حدود الله وخصوصيات كل دين. ووفقكم الله.

مسلم ..والحمد لله said...

ردا على (أبونا)القس يوحنا..اقول لك يا ابوناان محاكم التفتيش لم تبقى ولم تذر من جراء اعمال الذبح والتقتيل الجماعى يعنى انت مسلم فمصيرك الذبح لا مفر... وليه نروح بعيد بالأمس القريب فى الشيشان والبوسنه والهرسك والعراق يتم القتل على الهويه تحت غطاء الشرعيه الدوليه... كفايه كده والا ازيد ياأبونا؟؟؟

Blog Archive