اخبار لم تسمع عنها وفيديوهات لم تشاهدها واصدقاء بانتضارك على الشات

شاهد بيتك او مدينتك عبر القمر الصناعي

مصادرة كتاب بريطاني بسبب صورة مبارك


غلب الظن أن المسئولين في هيئة الرقابة علي المطبوعات الأجنبية، لم يكلفوا خاطرهم بتصفح كتاب بريطاني هو «من داخل مصر: أرض الفراعنة علي حافة ثورة».. اكتفوا بالقاء نظرة سريعة علي غلاف الكتاب الذي يحمل صورة الرئيس مبارك، تطل من وراء ستار أحمر لتضيء كل الأنوار الحمراء في عقولهم ويمنعوا الكتاب من دخول مصر.

قررت مصر أن تمنع الكتاب، الذي ألفه صحفي بريطاني مشاغب اسمه «جون برادلي»، عاش فيها ما يقرب من عشرة أعوام ويتحدث لغة أهلها بطلاقة.. ربما لأنها تذكرت أن آخر كتاب لذلك المؤلف كان اسمه «كشف السعودية: «من قلب مملكة في أزمة». وهكذا وبعد أن تعاقد مسئولو النشر بالجامعة الأمريكية في القاهرة علي 50 نسخة من كتاب «من داخل مصر»، فوجئوا بقرار منعه ومصادرته لأسباب غير معروفة حتي الآن.

نحن ننشر أهم النقاط الواردة في الكتاب الأزمة.. ليس من باب الإثارة ولكن من باب المواجهة.. فليس من المقبول أبدا أن نصادر علي كل فكر لا يأتي علي هوانا ولا يعزف علي النغمة التي نريدها.. نحن ننشر ما يقرأه العالم كله حتي وإن كان ضدنا.. علي الأقل، حتي نعرف كيف نرد عليه.

أراد «جون برادلي» أن يفهم الطريقة التي تدار بها السياسات والمجتمع المصري الذي بدا له علي شفا حفرة من نار الغضب، وعدم الاستقرار.. إن الاضرابات والاضطرابات التي تنتشر حاليا في الشارع المصري - في رأي برادلي - مجرد قشرة ظاهرة، تخفي تحتها حالة من الفقر المدقع والاحساس بالظلم والقهر والفساد السياسي الذي يؤدي حتما إلي تآكل الطبقة الوسطي المصرية، ونهب ثروات البلاد باسم الخصخصة وفتح باب أمام الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلي نظام سياسي، لا يحمل أيديولوجية حقيقية، ولا يهتم بحل مشكلات الشعب، إن لم يكن هو سبب هذه المشكلات كلها.

لكن ربما كانت النقطة التي أثارت غضب الرقابة في مصر، هي النقطة التي ادعي برادلي فيها أن الإضرابات في الشوارع المصرية لا يمكن أن تسبب انقلابا في نظام الحكم، لأن ذلك النظام يعتمد علي قوات أمن لا تعرف الرحمة، وزعم برادلي أن الأمن المصري يضرب ويغتصب ويقتل صبية سرقوا بعض علب الشاي، بالتالي فأسهل شيء أن يقمع ذلك الأمن من يحتجون علي سياسات البلاد.

يتنبأ برادلي بأن الـ18 شهرا المقبلة ربما تحدد مصير مصر، ستكون شهورا حبلي بالغضب.. والتوتر.. والغليان الذي قد ينفجر دون سابق إنذار.. لتزداد الأمور سوءا إلي حد قد يصل بالبلاد إلي درجة من الفوضي الكاملة، قد تأخذ شكل انقلاب عسكري، خاصة لو نجح الإخوان المسلمون بشكل ما في الوصول إلي الحكم.

يري برادلي أن الشعبية التي يتمتع بها الإخوان المسلمون في مصر مجرد وهم.. أسطورة لها أصل ضعيف من الحقيقة.. وقال صراحة في كتابه إن عدد أعضاء الجماعة المعلنين هم نصف مليون عضو، قد يضاف إليهم مليون أو مليونان من المتعاطفين معهم، لتجد في النهاية أن الإخوان لا يحظون إلا بدعم 2% من شعب يصل إلي 78 مليونا.. يري برادلي أن هناك سببا واضحا لعدم تعاطف نسبة كبيرة من المصريين مع الشكل السلفي لإسلام الإخوان، وهو أن معظم المصريين يؤمنون بنوع خاص من الإسلام السني، الذي يحمل أيضا جزءا كبيرا من المعتقدات الصوفية، وأحيانا من الممارسات الشيعية التي اعتاد عليها المصريون منذ مئات الأعوام.

هناك علي الأقل ستة ملايين مصري ينتمون إلي الطرق الصوفية، وأضعاف هذا العدد من الرجال والنساء يعتبرون أن الموالد الصوفية جزء من حياتهم إلا أن كل التحليلات السياسية الغربية لا تريد أن تنظر إلي أي قوة مؤثرة في السياسة المصرية غير الإخوان، وهذا هو ما صنع وهم قوتهم.

ورغم أن موقف الكتاب يعد صراحة ضد الإخوان المسلمين فإنه يحمل رأيا بالغ السوء في ثورة يوليو، ويعتبرها السبب المباشر وغير المباشر في كل ما وصل إليه حال الناس اليوم، وربما كان هذا هو أحد الأسباب الرئيسية لمنعه.

لقد ورث الضباط الأحرار في نظر برادلي كل الفساد الذي كان ينخر في الملكية التي أطاحوا بها.. واستبدلوا بفسادهم كل ما هو سيئ في مصر بما هو أسوأ.. وصار الضباط الأحرار في زعمه هم قوة الاحتلال الجديدة التي تحكم سيطرتها علي مصر واستمر ذلك الوضع حتي اليوم.. الغالبية العظمي من الشعب تساق بغسيل الدماغ أو بالقمع والتعذيب، حتي يضمن أهل القمة أن يظلوا عليها.

الغريب أن ذلك الكتاب الذي قررت الرقابة مصادرته يحمل رأيا شديد التأييد للرئيس مبارك أو من سيأتي بعده، فالمؤلف مؤمن تماما بأنه لو قررت الولايات المتحدة أن تنقلب علي النظام الحالي لصالح الإسلاميين لحدثت كارثة في الشرق الأوسط فنظام الحكم المدني في مصر هو حائط الصد الأخير أمام الأصولية التي تزحف لتلتهم أنظمة الحكم في العالم العربي.<

0 comments:

Blog Archive